Monday, June 4, 2007

البـــــــــــجا ليســــــــــوا مواطــــنين درجــــة ثانــــية

اعلان المــــــبادئ.. كلــــمات حــــق اريــد بها بــاطل

البـــــــــــجا ليســــــــــوا مواطــــنين درجــــة ثانــــية

فهل ســـتتواصل المواجــــــهات ؟

د. ابو محـــــــمد ابوامـــــــــــــــــــــنة

تم اللقاء التمهيدي لاعلان المبادئ في يونيو من العام الماضي بين الوفد الحكومي وبين جبهة الشرق بعد اتصالات لم يفصح عنها كثيرا تمت بين ارتريا وحكومة السودان وكان من الملفت للنظر ان التصريحات بعد تلك الاتصالات توالت بان للشرق قضية ولكن مع الترحيب الذيي لقيه اعتراف السلطة بوجود هذه القضية الا انه جاء مخيبا للامال اذ نظر لتلك القضية بمنظار خطأ.

نظروا اليها فقط كقضية تنمية مع تجاهل معتمد للدور السياسي لابعاد القضية,،مما يناقض مباشرة تطلعات البجا عبر تاريخهم النضالي الطويل، والتي تتمثل في المشاركة الفعالة في السلطة المركزية وفي الاقليم الواحد تحت ادارة ابناء الاقليم وفي سيطرتهم علي ثرواتهم وفي حكم ديموقراطي، ووضع حد لسيطرة المركز علي كل الاوضاع بالشرق .

الواقع ان الاعتقاد الانقاذي بان قضية الشرق هي مجرد قضية تنمية صار يتوالي منذ تصريحات المسئول الكبير في الدولة الاوروبية, التي اشرنا لها في مقال سابق, وبعد اعلان المبادئ وحتي اثناء مباحثات السلام ثم بعد التوقيع علي الاتفاق, بل الي يومنا هذا.

اذا كانت الانقاذ تعتقد بان مشكلة الشرق هي موضوع تنمية فهي مخطئة وسينهار اتفاقها هذا الذي بني علي هذا الافتراض الخاطئ ويوما ستذروه الرياح، ذلك اليوم نراه قريبا وان راته الانقاذ بعيدا..

يقول د. فرانسس دينق:

In the eastern region, with the mediation of Eritrea, the Eastern Sudan Peace Agreement (ESPA) was reached in November 2006. It is, however, likely that the ESPA will meet with the same contradictions that confronted the DPA, and that hostilities will possibly resume.

يتنبأ العلامة دينق بانهيار للاتفاقية واندلاع الصراع مرة اخري لانها لم تتعرض للمشاكل الاساسية التي يعاني منها الشعب, وسيكون مصيرها نفس المصير اتفاقية ابوجا.

ان التباحث الذي سبق اعلان المبادئ تم بين فريقين غير متكافئين. فبينما ارسلت الانقاذ فريقا متمرسا عالي المستوي اكاديميا وسياسيا وذا خبرة في اللف والدور ولي الذراع ،فريقا ورائه بنوك المعلومات التي تذخربها الدولة، ارسلت جبهة الشرق فريقا, كما وصفه الباحث ينق و الكثيرون من المحللين السياسيين, تغلب عليه صفة عدم الالمام بابعاد القضية ونقص الخبرة وفقدان الايدولوجية والرؤي لحل الملف, فريقا لم يحتك بالشارع السياسي السوداني ولم يتحسس مشاكل البجا ولم تعرفه السجون ومطاردات الامن وبيوت الاشباح, والتشريد والمحاربة في الارزاق, فريقا ينقصه الوعي السياسي والفهم للبعد الاستراتيجي للملف, فريقا أفرزته كيانات ما سمي بجبهة الشرق وترضياتها ومساوماتها, فريقا لم يقرأ الخريطة السياسية السودانية وليس له معرفة بملفات نيفاشا وابوجا ايجابياتها وسلبياتها ..

قالوا لهم الخطر سياتيكم من المثقفاتية, فابعدوهم, فأطاعوا, وتم الابعاد الا اولئك الذين ترضي عنهم الانقاذ. ترتبت علي ذلك عواقب وخيمة، سنتعرض بها فيما يعد.

يجب الاشادة بالقيادة الميدانية ويجنودنا البواسل الذبن حققوا المعجزات وفرضوا علي السلطة الانقاذية الجلوس للتفاوض. لكن الرياح اتت بما لاتشتهي السفن.

ان جماهير الشرق ابدت تحفظا واضحا لاعلان المبادئ الذي تم بين جبهة الشرق وبين سلطة الخرطوم. اذ عمد ذلك البيان تهميش البجا، السكان الاصليين واصحاب الوجعة واصحاب النضال الناصع, فالبيان لم يذكر ولو لمرة واحدة كلمة بجا. تكلم عن اهل الشرق عموما، ولكن اكثر الناس تخلفا, وأكثرهم عرضة للمجاعات, وللفناء, وللتهميش, والجهل والاضطهاد والمحاربة في الرزق, هم البجا.

تشير الإحصائيات الخاصة بالبجا إلى أن نصيب أبناء المنطقة في السلطة السودانية كان ضعيفاً للغاية حيث تراوح ما بين 1.4 % إلى 3 % عبر القرون في حين كان للمناطق الوسطية النصيب الاكبر. يعاني السكان من انعدام الخدمات الصحية والتعليمية وذلك إلى حد ارتفاع الوفيات بين النساء الحوامل لنسبة لم يشهد العالم لها مثيلا، وترتفع نسبة الأمية إلى 90 % .

من اجل هؤلاء قامت الحركة السياسية البجاوية وكذلك النضال المسلح.

لكن اعلان المبادئ تعمد اغفالهم.

تم في ذلك البيان التنازل عن اهداف مصيرية ظلت الحركة السياسية البجاوية تنادي بها عبر الاجيال وعلي راس هذه حق تقرير المصير, ومحاكمة جزار بورتسودان, ورفع حالة الطوارئ.

كانت قيادات مؤتمر البجا في الداخل والخارج تنادي بضرورة اشراك المجتمع الدولي في المباحثات كمراقب وضامن وكمنفذ للتنمية التي تعقب توقيع الاتفاق, لكن حتي منظمة الوحدة الافريقية, الجامعة العربية, الولايات المتحدة, بريطانيا, فرنسا, المانيا ابعدت جميعها.

محاكمة جزار بورتسودان وكل من اشترك معه في جريمته البشعة لم ترد لها ذكري رغم ان القيادات الداخلية وضعتها كشرط اساسي للدخول في المباحثات.

ان الاهداف الاساسية للبجا تم اهمالها في ذلك الاعلان. بل انه تم حتي التنازل عن المنجزات التي حققتها اتفاقية نيفاشا لنا بما فيها حق ملكية الارض للسكان الاصليين والمشاركة في السلطة وفي حكم ابناء الاقليم انفسهم بانفسهم وقسمة الموارد علي اقل تقدير بنسبة 50 الي 50%. ظل القائد قرنق وكذلك د. منصور خالد يرددان ثم يرددان ان اتفاقية نيفاشا جاءت لكل السودان وليس الجنوب فقط. كان يجب وضع اتفاقية نيفاشا كمرجعية والتمسك بما حققته.

لا يمكن ان تعامل اي حكومة عادلة في العالم مواطنيها من اصول اثنية مختلفة تعاملهم معاملة مختلفة. فعندما يحقق الجنوب نسبة عادلة في ثروته وفي اقتسام السلطة يجب ان يعم هذا المبدأ علي جميع الاثنيات الاخري. لايجوز حتي من ناحية دستور الانقاذ التمييز بين حقوق المواطن الجنوبي وحقوق المواطن البجاوي.

البجا ليسوا مواطنين درجة ثانية.

نادي البجا بضرورة أمتلاكهم قسمة عادلة في السلطة والثروة. وجاء اعلان المبادئ يتحدث عن موارد الشرق كأنها من البداية وحتي قبل بدء المفاوضات كموارد قومية.

يعتقد مؤتمر البجا أن عوائد الموانئ السودانية إضافة للمعادن والبترول والغاز الطبيعي والسياحة والمشروعات الاقتصادية والثروات الزراعية والحيوانية والطرق العابرة التي توجد في مناطقهم هي من ضمن الثروات الخاصة بالاقليم والتي يجب أن توجه لبناء هذه المناطق المهملة وتنميها ورفع مستوى المعيشة .ويرى مؤتمر البجا أنه يجب تقاسم الثروة والسلطة بين كل أبناء السودان دون تمييز عرقي أو ديني.

بينما ظلت الحركة البجاوية تنادي بحق تقرير المصير فاجئنا اتفاق المبادئ بضرورة الالتزام بوحدة وسيادة اراضي السودان.

ان اتفاق المبادئ كانت به ايجابيات ، ولكن من الناحية النظرية فقط.

فقد تحدث عن حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين ولا مركزية الحكم وقسمة عادلة للموارد القومية، وانهاء التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكفالة المشاركة الفاعلة والتمثيل في مؤسسات الحكم كافة على المستوى الوطني وعلى النصيب العادل في الموارد القومية مع تمييز ايجابي، بالاضافة الى التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المستدامة، وان تعالج الترتيبات الأمنية الداعية للسلام كجزء من اتفاق شامل وإعطاء الأولوية لاعادة اعمار المناطق المتضررة بالحرب وتوفير الدعم للاجئين والنازحين لتسهيل عودتهم الى مناطقهم وان يلتزم الطرفان باشراك اهل شرق السودان منذ بداية عملية السلام وعقد ملتقى تشاوري لاهل شرق السودان لضمان دعمهم ومشاركتهم الفاعلة في تطبيق اتفاقية شاملة.

وجاء اتفاق وقف العدائيات بين الطرفين، مؤكدا العزم للوصول الى حل سياسي عادل والالتزام بالعمل الفوري لوقف الأعمال العدائية كافة على طول الجبهة الشرقية، وتجميد الاوضاع العسكرية على ما هي عليه اثناء سير المفاوضات والمساعدة على تهيئة مناخ ملائم يتيح للنازحين داخلياً واللاجئين العودة الى مناطقهم، رفع حالة الطوارئ في شرق السودان واطلاق سراح جميع الاسرى والمعتقلين لأسباب ذات صلة بقضية شرق السودان.

جاء اعلان المبادئ يتحدث عن الحقوق والحريات والديموقراطية والقسمة العادلة للموارد والمشاركة في السلطة.

هل انجزت الانقاذ ما وعدت ؟

أم انه كلمات حق اريد بها باطل؟

سنري .. كونوا معنا

No comments:

DR. TAHA OSMAN BILEYA

DR. TAHA OSMAN BILEYA
BEJA HERO FOUNDER OF BEJA CONFERENCE 1958

Blog Archive